حين صار الصدق شعورًا
من مبدأ أخلاقي… إلى حالة عصبية - عاطفية متجسِّدة
تجربة على المسرح
سُئلتُ البارحة: ماذا شعرتِ بعد الحوار على مسرح مؤتمر رفاهية وعافية الموظفين؟
أجبتُ ببساطة: شعرتُ بالصدق.
لم أكن أدرك أن الصدق يمكن أن يكون شعورًا. كنتُ أراه مبدأً وخُلقًا - حتى هبط في الجسد إحساسًا صافياً. كان مزيجاً من ثباتٍ وتخلٍّ وتمكين؛ واضح كسماء الصبح، ومشرق كمصباح يُضيء سبيلًا داخليًا جديدًا.
كأنه جمعني كلّي: نغمة صوتي، بصيرة قلبي، وبصر عيني، على وجهة واحدة.
ارتفع الاتساق بين روحي ومشاعري وجسدي ومكاني في الحياة. وبالتخلّي العميق بدأ التجلّي يضعني في مكاني الصحيح.
هناك، بعيدًا عن النظريات والكماليات وظنون الناس، رأيتُ حقيقة رسالتي وتجسيدي. صارت رؤيتي بوصلةً لي، تلهم من حولي أن يُبصروا حقيقتهم.
ما الذي يحدث علميًا عندما "نشعر بالصدق"؟
عندما تتوافق النية مع التعبير والسلوك، يحدث انسجام عميق بين القلب والدماغ:
• يهدأ الجهاز العصبي.
• تصفو الرؤية
• يقوى اتخاذ القرار.
• يخفّ "ضجيجُ الدفاع" وتعمل الدوائر التنفيذية بإبداع أكبر.
التنفّس الواعي والإنصات للجسد يُعزّزان هذا الاتساق.
وفي مواقف الضغط العالي كالمسرح والخطابة، الإحساس بالأمان الداخلي يفتح دوائر التواصل ويُطلق الصوت من موضع الحقيقة لا من موضع الدفاع.
ما الذي تقوله الحكمة القديمة؟
"الصدق في التراث بابٌ يَجمع الظاهر والباطن على معنى واحد"
ما يصدُق في القلب يَزهُو في العمل، فيغدو القول فعلًا والنور أثرًا.
ثلاث ممارسات عملية لتحويل الصدق إلى عادة
1. نيّة قبل كل ظهور:
سطر واحد يُقال سرًّاً: ما الحقيقة التي أخدمها الآن؟ لمن أفتح قلبي؟
2. تنفّس الاتساق:
دقيقتان من شهيق هادئ وزفير أطول قليلًا، مع وضع اليد على القلب للإنصات للإحساس السائد.
3. تفقد الجسد-المشاعر:
أين أحتاج تخلّيًا اليوم؟ وأين أسمح
للتجلّي أن يظهر؟
اكتبي سطرين فقط بعد كل لقاء.
من المنهج إلى الحياة
منهجية RBA © ، ترى أن الاتساق ليس حدث عاطفي عابر، بل إيقاع حياة:
• Rooting | التجذير: تهدئة الجهاز العصبي والعودة إلى الجسد.
• Balancing | التوازن: توحيد الشعور والفكر والسلوك على معنى واحد.
• Ascending | الاتساع: التعبير عن الرسالة من موضع حضور ونور.
خاتمة
الصدق، حين يُعاش شعورًا، يُعيد ترتيب الداخل:
يضع القلب في القيادة، والعقل في الخدمة، والصوت في موضعه الصحيح.
عندها فقط، تُصبح الرؤية بوصلةً، لا شعار.